كمال السّعادة ... إصلاح النفوس

المهندس محمد صافي حسن

622

11th of January, 2021

لا تواخِ من يستر مناقبك وينشر مثالبك، ولا تؤاخينّ الفاجر؛ فإنّه يزيّن لك فعلَه، ويودّ لو أنّك مثله؛ ويحسّن لك أقبح خصاله، ومدخلهُ ومخرجُه من عندك شينٌ وعارٌ ونقصٌ؛ ولا الأحمق فإنّه يجهد لك نفسه ولا ينفعك؛ وربّما أراد أن ينفعك فضرّك؛ سكوته خيرٌ لك من نطقه، وبعده خيرٌ لك من قربه؛ ولا الكذاب فإنّه لا ينفعك معه شيء؛ ينقل حديثك، وينقل الحديث إليك؛ حتّى إنّه ليحدث بالصدق فلا يُصدَّق، لا حسب أنفع من الأدب والتواضع؛ ولا جمال أحسن من العقل والصدق؛ لا خير في الصمت عن الحكم كما أنّه لا خير في القول بالجهل؛ ولا خير في قومٍ ليسوا بناصحين ولا يحبّون الناصحين؛ لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين: رجلٌ يزداد فيها كلّ يومٍ إحساناً، ورجلٌ يتدارك منيّته بالتوبة؛ لا عزّ أنفع من الحلم؛ ولا علم كالتفكّر؛ ولا تفكّر بلا بصيرة؛ كم من إنسانٍ استعبده إحسانٌ؛ كم من أكلةٍ تمنع أكلات؛ كم من حزينٍ وَفَدَ به حزنه على سرور الأبد؛! كُن أوثق ما تكونُ بنفسك، أحذرَ ما تكونُ من خداعها؛ كُن سمْحاً ولا تكن مُبذِّراً، وكُن مُقدِّراً ولا تكُن مقتِّراً؛ كُن على حذرٍ من الأحمق إذا صاحبته، ومن الفاجر إذا عاشرته، ومن الظالم إذا عاملته، كُن في الحرص على تفقُّد عيوبك كعدوِّك، كُن في الدنيا ببدنك، وفي الحكمة بقلبك وعملك؛ كُن في الشدائد صبوراً، وفي الزلازل وقوراً؛ كُن للعدوّ المكاتم أشدَّ حذراً منْك للعدوّ المبارز؛ كونوا في الناس كالنحلة في الطير، إنّه ليس في الطير شيء إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها؛ لا يخلص من يغلبه الهوى، ولا يستطيع المرء صلاح نفسه إلا من قنع بالقليل؛ ولا يصلح غيره من لا يصلح نفسه؛ ولا يعدل في غيره من يظلم نفسه؛ ولا يعمل للحكمة من أكلته الدنيا؛ ولا ينتفع بالنصيحة من يلتذّ بالفضيحة؛ ولا ينصح غيره من يغش نفسه؛ ولا يهدي غيره من يضلّ نفسه؛ ليس يفهم كلامك من كان كلامه لك أحبَّ إليه من الاستماع منك؛ وليس ينبغي للعاقل أن يطلب طاعة غيره، وطاعة نفسه عليه ممتنعة؛ وليكن أحبّ الناس إليك المشفقُ الناصحُ؛ ليكن أحبُّ الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمُّها في العدل، وأجمعها لرضا الأصدقاء؛ ليس من أخلاق العاقل التملُّق ولا الحسد إلا في طلب العلم؛ من سعى بالنميمة حاربه القريب ومقته البعيد؛ من سمع بفاحشةٍ فأبداها كان كمن أتاها؛ من شَرُفَت هِمّته عَظُمَت قيمته؛ ومن شغل نفسه بما لا يجب، ضيّع من أمره ما يجب؛ من صارَعَ الحقّ صُرِع؛ ومن شيم الأبرار حمل النفوس على الإيثار؛ ومن صِدُقت لهجَته قويت حجته؛ ومن صحّت معرفته انصرفت عن النقائص نفسه وهمّته؛ من قلّ أكله صفا فكره؛ ومن قلّ أدبه كَثُرت مساويه؛ ومن قلّ عقله كَثُرَ هزله؛ ومن قوي على نفسه تناهى في القوة؛ ومن قوي هواه ضَعُفَ عزمه؛ ومن كان في النعمة جَهِلَ قدر البليّة؛ ومن كتم الإحسان أصيب بالحرمان؛ ومن كَثُرَ حرصه قلّ يقينه؛ ومن كَثُرَت نِعَمُ الله عليه كَثُرَت حوائج الناس إليه؛ ومن كَثُرَ مزاحه لم يسلم من استخفاف به أو حقدٍ عليه؛ وكمال السّعادة السّعي في صلاح النفوس.

آخر المواضيع
الأكثر قراءة
فيدوهات مختارة