م. غسان كامل ونوس - أديب وكاتب سوري
2466
9th of May, 2019
إن بإمكان الإعلام الرسميّ أن يكون ممثّلاً لأكبر شريحة من الناس؛ بأفكار مختلفة، وآراء متعدّدة، ويمكنه؛ بل من واجبه الإشارة إلى الأخطاء، ورصد التجاوزات، وتعرية الوقائع، بلا اتّهام مجّاني أو تشهير من دون حساب، وبلا خوف من خسارة أو انكفاء! كما أنّ من واجبه حماية السلم الأهليّ، وعدم إثارة الفتن، والعمل على الحدّ من تفاقم التصدّعات والشروخ بين أبناء البلد الواحد؛ وذلك واجب على الإعلام الآخر أيضاً؛ مهما كانت درجة تخصيصه!
وليس الإعلام الرسميّ في حدّ ذاته تهمة، وليس الإعلام الخاصّ، الذي يقوم بهذا الدور بوقاً للسلطة، يقتضي الإدانة والتشويه؛ لأنّه يشوّه الحقيقة؛ إذ إنّ هناك حقائق يمكن أن يسبّب نشرها نتائج كارثيّة، ويكون من الصالح إغفالها أو تجاوزها، أو التعامل معها بحذر وعقلانيّة..
ولا يعني هذا اقتصار البثّ على الأمور الزاهية، والأحداث المفرحة المنتصرة، بالرغم من أنّ في ذلك فائدة وتحفيزاً للعمل من أجل الفوز؛ لكنّه قد يتحوّل إلى غشّ وادّعاء، حين نبالغ في تصويره والاحتفاء به، ويتحوّل إلى تحايل وتكاذب، حين نظهره بما ليس فيه من جمال أو بهاء أو رضا؛ فتبقى العلّة كامنة تتفاقم، وتبقى البؤرة آسنة، تتكاثر فيها الجراثيم، وتتكاثف الفيروسات.
ومن المفترض والطبيعيّ أن يكون في موقع القرار الإعلاميّ من هو قادر على التحرّك بوعي ومسؤوليّة، ولديه من الخبرة والثقافة والإدراك ما يجعله يوجّه العاملين لديه الوجهة السليمة، وتكون التغطية أو الإضاءة أو المقاربة ضروريّة ووافية. ولا بدّ هنا من تأكيد أهمّيّة العاملين في الإعلام، بمهنيّتهم وثقافتهم وخبراتهم ومبادراتهم، التي لا تنتظر قراراً، يفوّت الحرارة والحيويّة والحماسة، أو توجيهاً يحوّر الألوان، ويعدّل الأسباب، أو يعبث بالعناصر، فتتبدل الصورة.. ومن البدهي اختيار الأكفأ والأكثر قدرة على الفهم والصياغة والحوار في البرامج المتنوّعة.. ومن الأهمّيّة بمكان أن لا تبدو السذاجة والسطحيّة والتعمية في التعليق أو الأسئلة أو النقاش، وأن لا يظهر عبء الواجب وأمر الوظيفة في الأداء؛ رتابةً وبرودةً وفجاجة؛ كما يفترض التخصّص والمعرفة في القضايا المتناولة؛ سياسيّة كانت، أو اقتصاديّة أو اجتماعيّة أو ثقافيّة..