انتصار أحمد
999
26th of February, 2020
في فترة ليست بالبعيدة هبّت فرق التدخّل السريع في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك! واستنفرت كافة طواقم قمع الغش والمخالفات؛ وجابت وجالت في المناطق والمحافظات مغلقةً محال هنا أو مسطّرة ضبوط تموينية هناك، في ظاهرة أثلجت صدور أصحاب الدخل المهدود والمُثقل بالهموم المعيشية والديون، ظنّاً منهم أنّ نهاية هذه الحملة ستتمخض عن أسعار تقارب التكلفة مع هامش ربح قليل جداً، لدرجة أنّ وسائل الإعلام اشتعلت وانشغلت بالتغطيات الميدانية التي رافقت هذه الجولات، وباتت تتصدّر أخبار الصحف أعداد الضبوط وأعداد المحال المغلقة لمخالفات جسيمة تتمثل في بيع مواد غير صالحة للاستهلاك، وعدم الإعلان عن الأسعار أو الغش أو التدليس أو عدم مطابقة للمواصفات .. إلخ.
إلى هنا كانت الأمور تمام، ولكن ماذا حصل، وأين هذه الحملات اليوم، ولماذا هبّت ثم دخلت في سبات؟ ربما يُحتاج إلى رفع أسعار جديد لتظهر بشراسة كإبرة مخدّر يستطبّ بها أصحاب الدخول المنخفضة جداً على كثرتهم، وأين إجراءات الوزارة فيما يخصّ المخالفات التي سُطّرت، هل تتم متابعة من سُطّرت بحقّه بشكل دوري ومتكرر؛ للتأكد من عدم تكرار المخالفة! أم ذهبت أدراج الرياح؟!.
يا سادة يا كرام حماية المستهلك لا تعني ضبوط والتغني بأعدادها، وإنما أن يشعر المستهلك بأنّه حقاً يأكل طعاماً صالحاً ومراعياً للشروط الصحيّة، وبسهر منطقي هكذا وببساطة.
أمر آخر لا بدّ من ذكره، لماذا لا نفعّل ونعزّز مفهوم الشكوى على تاجر الجملة، بدلاً من تاجر المفرّق كونه الحلقة الأضعف ولا يملك من أمره شيئاً سوى رفع أسعار مواده، بحسب ما يصله من نشرات أسعار من حيتان الجملة الذين يتحكمون برقاب العباد ويجنون أرباح طائلة من غير وجه حق، وخاصة وأنّهم يمولون مستورداتهم بسعر الصرف الرسمي الصادر من المركزي، ويبيعون بسعر السوق السوداء، وحتّى بعد مرسوم السيد الرئيس رقم (3) لعام 2020 القاضي بـ " تشديد عقوبة كل من يتعامل بغير الليرة السورية" كوسيلة للمدفوعات، أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري، أو التسديدات النقدية، وسواء كان ذلك بالقطع الأجنبية أم المعادن الثمينة، ماذا حصل وأين دور حماية المستهلك في إلزام الحيتان بالتسعيرة الجديدة وبما ينسجم مع مضمون المرسوم!.
اللهم أشهد أننا بلغنا ورصدنا وجمعنا وشاهدنا كل ما يجول وأوجزناه في هذا الحيّز الضيق علّنا نُحدث فرقاً يعود بالخير على أخونا المواطن.