ذهاب البصر خيرٌ من عمى البصيرة

المهندس محمد صافي حسن

977

26th of February, 2020

ذِكر الحكمة بين الغافلين كالشجرة الخضراء في وسط الهشيم، وكالدّار العامرة بين الربوع الخَرِبة. ذَر السرف، فإنّ المُسرف لا يُحمَد جوده ولا يُرحَم فقره. ذروة الغايات لا ينالها إلا ذوو التهذيب والعزائم. ذِكر العقلاء دواءٌ وشفاء، وفعل أفعالهم رفعةٌ وهناء. الذِكر ذكران: أحدهما ذِكر الحكماء وحمدهم والاقتداء بفعلهم، فما أحسن ذلك وأعظمه! والثاني ذِكر الحكمة عند الإقدام على فعل الجهل وهو أفضل من الأول. ذِكر الحكماء شفاءٌ من العلل والأسقام ووسواس الجهل، وترك أفعالهم كالقاصد هلاكه. ذكِّ قلبك بالأدب كما تُذكّى النار بالحطب، ولا تكن كحاطب الليل وغثاء السيل. ذمّ الرجل نفسه في العلانية مدحٌ لها في السر. وذمّ العقلاء أشدّ من عقوبة الظالم. ذمتي بما أقول رهينةٌ وأنا به زعيمٌ: إنّ من صرّحت له العِبر عمّا بين يديه من المَثُولات حجزته التقوى عن تقحّم السيئات؛ ألا وإنّ الخطايا خيلٌ شُمُسٌ حُمِل عليها أهلها وخُلِعت لُجُمُها فتقحّمت بهم في الجهل؛ ألا وإنّ التقوى مطايا ذُللٌ حُمِل عليها أهلها وأُعطُوا أزمّتها فأوردتهم مناهل العقل. ذو الهمّة وإنْ حطّ نفسه يأبى إلّا عُلوّاً، كالشعلة من النّار يخفيها صاحبها، وتأبى إلّا ارتفاعاً. ذهاب البصر خيرٌ من عمى البصيرة. وذهاب النظر خيرٌ من النظر إلى ما يوجب الفتنة. يجب أن تكون صادقاً في ميعادك، ومرتفعاً عن ظلم العباد، وقائماً بالقسط بين من تعاشر فهذه من صفات الحكيم. أحلَمُ الناس الذي لا يغضب البتة ولو وقع عليه أشدّ الظلم. يجب عليك أن تتشبّه بأقوال وأفعال الفلاسفة الحكماء في حدود طاقة عقلك وسعة قلبك لأنّ مواد الحكمة لا توصَف ولا تُحَدّ. والذي يستحق اسم السعادة على الحقيقة هو الذي يستمدّ أقواله وأفعاله من أصول الحكمة وهي أربعة: بقاءٌ بالعمل، وعلمٌ مفيدٌ بالعقل، وعزيمةٌ لا تلين بالصبر، وغِنىً يدوم بلا فقر والغِنى هنا هو امتلاك السعادة التي ينهل صاحبها من نبع مكارم الأخلاق. أيها الإنسان، رأيك لا يتّسع لكلّ شيءٍ؛ ففرِّغْه للمهم من أمورك، ومالك لا يُغني الناس كلّهم فاخصص به أهل الفقر، وكرامتك لا تطيق بذْلها في العامّة، فتوخّى بها أهل الفضل؛ وليلك ونهارك لا يستوعبان حوائجك؛ فأحْسنِ القسمة بين عملك ودَعتك. رأس العيوب الحقد. ورأس العقل مجاهدة الهوى ورأس الجهل الجور ورأس الإحسان، الإحسان إلى الحكماء. ربّ عملٍ أفسدته النيّة وربّ عزيز أذلّه خُرْقهُ، وذليل أعزّه خُلقُهُ. ربّ كلمةٍ سلبت نعمةً، وجلبت نقمةً. ربّ زاجرٍ غير مُزدجِر، وربّ واعظٍ غير مرتَدِع. وربّ كلمةٍ يخترعها حليمٌ مخافة ما هو شرٌ منها، وكفى بالحلم ناصراً. وربّ جرمٍ أغنى عن الاعتذار عنه الإقرار به. ربّ مُحتال صنعته حيلته. الرجال ثلاثة: عاقلٌ وأحمقٌ وفاجرٌ، فالعاقل مكارم الأخلاق لباسه وطعامه وشرابه، والحلم طبيعته، والرأي المُصيب سجيّته، إن سُئِل أجاب، وإن تكلّم أصاب، وإن سمع وعى، وإن حدّث صدق، وإن اطمئن إليه أحد وفى؛ والأحمق إن استنبه بجميلٍ غَفِلَ، وإن استنزلَ عن حُسنٍ ترك، وإن حَمل على جهلٍ جَهَلَ، وإن حدّث لا يفقه ماذا يقول؛ والفاجر إن ائتمنته خانك، وإن صاحبته شانك، وإن وثقت به لن ينصحك. نعم العبد الذي سمع حكمةً فوعى، ودُعي إلى رشادٍ فدنى، ونَهلَ من شجرة الحكمة فاهتدى.

الأكثر قراءة
فيدوهات مختارة