وصيّة درّة الصفد في ترك الجهل وطاعة العقل لعمارة البلد

المهندس محمد صافي حسن

526

30th of August, 2021

إنّ العلم والعمل جوادَا التسابق، وهما متوافقان ومترافقان؛ فالعلم سراج ونور، والعمل جادّة ومنهاج؛ بما يؤدّي إلى رقيّ الشعوب في أوطانها، ويؤمّن لها العيش الكريم العزيز؛ فالعلم يصون البشر من أمراض الجهل وآلامه، ويجعل أيّ تجمّع بشريّ مبجّلاً عظيماً أخلاقيّاً مهاباً وقوراً من قبل الأمم الأخرى؛ بشرط العمل به بصدق لخدمة الوطن؛ أي التجمّع البشريّ في أيّ وطن من الأوطان؛ فيجب علينا أن نخلص أعمالنا لخدمة أوطاننا وإخواننا، الذين نعيش معهم على هذه الأرض (الوطن)، بما ينفع الجميع بمفهوم المواطنة والانتماء الصادقين، وإلّا كنّا مرائين، ويجب الحثّ والاجتهاد على طلب العلم، والظمأ إلى مناهله، في نواحي الحياة المعاصرة؛ بما في ذلك العلوم الأخلاقيّة والوطنيّة والقيميّة والإنسانيّة، التي توطّد أواصر اللحمة والمحبّة والتحنّن والتعطّف والرحمة بين أبناء الشعب الواحد في بلدنا العظيم، وأن نتمتّع بصفات الكمال والجمال والحبّ، حتّى ندفع عن بلدنا آثار البلاء، الذي حصل، ونرتقي سلّم العظمة آمنين في بلد موحّد شعباً وأرضاً وتاريخاً ومستقبلاً وقلباً ويداً ونطقاً وفعلاً وعلماً وعملاً. وأنا هنا سوف أعرّج على بعض الصفات الأخلاقيّة، التي يجب أن نعتقدها، ونقرّها في جناننا، وتصبح سلوكاً ومنهجاً في حياتنا. ومنها الصدق في علومنا وأعمالنا، وأن يكون كلّ ما نقوم به، يخدم بالمطلق الجمع الكلّيّ لشعبنا، وأن لا يخالف قلبنا، ما ينطق به لساننا، وما تقوم به حواسّنا، وأن نؤمن بأنّ ما يضرّ المجتمع، يضرّ الفرد، وما ينفع الجميع، ينفع الواحد منّا، وأنّ الأنانيّة، تفسد المجتمع، وتهدمه، وأنّ المحبّة والاتّحاد، يصونان المجتمع، ويحميانه، ويسرعان في تعافيه؛ فاعمل للكلّ، تسعد أنت مع الكلّ، وأوصي بعد العلم والعمل والصدق بالصبر على الآثار، التي نتجت عن الأزمة؛ لأنّك لن تنال ما تحبّ إلّا بالصبر على ما تكره، وصبر الحكيم العاقل كالرأس من الجسد، ثمّ أوصيك بنيّ بالمروءة؛ وهي الفتوّة والنخوة والناموس والشجاعة، وهي عدم التواني عن أيّ عمل، يخدم شعبك ووطنك ومجتمعك وبلدتك وأخاك، تحت مظلّة العلَم السوريّ الشريف، والوطن النبيل، وأن تدمن المحبّة للغير، وتبتعد عن مخالفة العهود والمواثيق والقيم العظيمة، التي من شأنها أن تزيد هذا الشعب عيشاً رغيداً أميناً كريماً، مرتدياً قميص الوطن، ناصباً راية علمه وعزّته، وأوصيك بنيّ بحسن الخلق، والعفو الجزيل عن المسيء، والصفح الجميل عند الأذى، مع القدرة على الجزاء، وأن تتواضع لأخيك السوريّ، ولعلمك ولشعبك ولأرضك، وأن تنزل عن عرش رأيك الأنانيّ لخدمة الكلّ الجمعيّ في وطننا، وأوصيك يا بنيّ بأن يكون لك يقين وإيمان في قلبك ثابت، بأنّ محبّتك وإخلاصك، يجب أن يكونا لوطنك وشعبك كلّ شعبك؛ لأنّ في ذلك سياجاً وحفظاً وحصانة للوطن، وحماية ومتانة للشعب من أعدائه، وأوصيك يا بنيّ أن تحفظ مقادير الناس، وتجتهد في محبّتهم، وتُنجح مسعاهم، وتُسرع بواجبهم، وتنشر مناقبهم، وتستر عيوبهم، وتحفظ مراتبهم، وترعى زممهم ومصالحهم، وتجاوز عن سيّئاتهم، واصفح عن زلّاتهم، وأوصيك بنيّ بأن تكون عاقلاً حكيماً محبّاً صالحاً خيّراً وفيّاً تقيّاً نقيّاً مريئاً حليماً عالماً عاملاً فهيماً كريماً حازماً صائباً حرّاً شاكراً صادقاً عادلاً مسامحاً مفيداً ليّناً، غيوراً على وطنك، محبّاً لشعبك؛ لأنّ الأمم لا ترتقي إلّا بمكارم الأخلاق، ولا تصان إلّا بألفة وتعاضد، ومحبّة الكلّ للكلّ، وتضحية الكلّ لأجل الكلّ؛ فتصبح قوّة الفرد المنتمي للكلّ من قوّة الكلّ، داخل الوطن الواحد.

أوصيك يا بنيّ، أن تعلم، بأنّ هويّتك ليست مجرد بطاقة في جيبك؛ بل انتماء ومحبّة وإخلاص لكلّ حامليها روحاً وجسداً وسمعاً وبصراً وعقلاً ونطقاً وفعلاً وتضحية وسعياً.

أرجوك يا بنيّ أن تحفظ الوصيّة، وتعاهدني على أن تصون الهويّة.

الأكثر قراءة
فيدوهات مختارة