انتصار أحمد
533
30th of August, 2021
هي جملة من كلمتين، ولكن يبدو أنّ لها مالها من شجون وآلام ومواجع طالما تجرعناها خلال السنوات العشر الماضية، برغم حجم الأمل الذي بقينا ننتظره وربما لا خيار لنا سوى أن ننتظره رغم معرفتنا أنّه بعيد أو لن يكون في القريب العاجل؛ هذا إن قُدّر له أن يأتي؛ ليبلسم جراحنا وتشوهاتنا النفسية المكتسبة على مدى هذه السنوات.
لن نخوض كثيراً في تفاصيل الأزمة وتداعياتها، فالصعوبات كثيرة، ولكن الطبيعي أن يقابلها إجراءات، والمشاكل لا تنتهي، ومن البديهي أن يكون لها حلول، ونحن مررنا بكل ما سبق دون أن نجد لا إجراءات ولا حلول ترتقي وتتناسب مع حجم ما مررنا به، أو بصريح العبارة كما نستحق أن تكون هذه الإجراءات والحلول.
لن نستذكر أو نتذكر؛ لأنّ الواقع يتكرر بشكل دوري وعلى مدى سنوات طويلة كانت كافية لنتعلم منها، ونستعد لمواجهة أي طارئ خلالها (والقصد هنا أصحاب القرارات)، ولكن للأسف، فمن ارتفاع غير منضبط للسلع بشكل مستمر، وصولاً إلى نقص المحروقات سواء للتدفئة أو للنقل، إلى الشح في فقدان الغاز المنزلي، وكذلك بنزين السيارات، وليس انتهاءً برغيف الخبز الذي بات حديث الشارع كونه أضيف طواعية إلى قائمة المعاناة اليومية من قبل صانعي القرارات، تلك القرارات بمجملها تجعل السوق السوداء نشطة، حيث توافر جميع المواد بقدرة قادر بأسعار فلكية، وبالتالي الخاسر الوحيد هو المواطن، إذ عليه أن يدفع أكثر رغم محدودية كتلته النقدية، نعم المواطن الذي قُدّر له أن يبقى ساعياً طيلة نهاره خلف معيشته والركض لتأمين وسائل انتقاله ورغيف خبزه الذي غابت عنه الجودة والسعر المنطقي (لدى المعتمدين) والالتزام بالوزن.
شجون كثيرة نعلمها جميعاً وأقصد بجميعاً نحن الشعب الحالم بغدٍ أجمل، المتمسك بشعار الأمل، الباحث عن عمل يتناسب والجهد المقدم من قبله، أو أن يكون هناك اهتمام حثيث وجاد من قبل المهتمين والمكلفين برعاية شؤون العباد، فإذا كنّا غير قادرين على تحسين الوضع المعيشي وإجراء زيادات متكررة! ما يمنع إذاً من العمل على ضبط أسعار مقدمي الخدمات على اختلافها؛ فمثلاً ارتفع سعر المحروقات وتم تحديد تعرفه أحد الخطوط بـ (130) ليرة، إن هذا الإجراء حقق لصاحب هذه المركبة سبعون ليرة إضافية؛ لأنهم فرضوا تعرفتهم الخاصة وحددوها بـ (200) بحجة عدم وجود فئات نقدية من فئة الخمسين والعشرين، فإذا كانت حصيلة غلته اليومية كصافي ربح تصل للـ (40) ألف، باتت مع هذه الزيادة تلامس الـ (55) ألف، بينما من كان راتبه (50) ألف أصبح بفعل حاجته لدفع أجار أكثر (40) ألف، ومن كان يتقاضى أجرة حلاقة بحدود وسطي (2500)، باتت اليوم (4000)، وهذا وذاك والقائمة تطول، جعل من كتلة الراتب تتآكل وتتضاءل لحد بات أصحاب المهن والمصالح والتجار هم من ينعم بأيّة زيادة، وبقي أصحاب الدخل المحدود يتخبطون بانتظار بارقة أمل تنصفهم، مع العلم أنّ الحل بسيط ويتلخص: إمّا بإجراءات ضبط السوق، أو بالإسراع بتفعيل عمليات الدفع الالكتروني الموعود، والذي طال انتظاره في وقت يعتبر أشد حاجة له قبل أن يصبح حاله كحال تداول الفاتورة حين احتلت سابقاً حديث الإعلام ومن ثم انطفئ بريقها!.