خيرٌ من الخير فاعله ... روّض نفسك

المهندس محمد صافي حسن

987

28th of September, 2019

البخل داءٌ عضالٌ دواؤه الكرم، النّعمة أن تُنعم على غيرك من ذات ما لديك جوهراً أو محسوساً، العقلُ صديق كلّ امرئ وعدّوه الجهل، صغائر المزمومات من الأعمال طريقٌ إلى كبائرها، لا يكمل عقل امرئ حتى يفيض الخير منه، ويُعدَم شرّه، وقليل الخير يجتمع، ويستكثر حتّى يصبح السيل نهراً والنهر بحراً، وصغائر أعمال الشرّ تجتمع، وتكثر حتّى تصبح شجرةً يابسةً ثمارها السوء وأوراقها الجهل، أعظم حاجة تطلبها لنفسك طلب العلم النافع طوال حياتك، والفقر المطلق هو انعدام طلب العلم النافع، العزّ في الدنيا هو انعدام الذّل، ولباس الخير، والعمل بالعقل، ليس لبخيل راحة، ولا لحسود لذّة، ولا لملولٍ وفاء، ولا لكذوب مروءة، يا أخي: ليس المحبّة بالخطابة وحُسن النطق بين الخلق، وروحك مشتعلةٌ غيظاً وحقداً وحسداً على من تناطقهم، فاجعل جوهرك كلاماً على لسانك، واجعل عملك انعكاساً صادقاً لنطقك، يا أخي الإنسان: أخبر بما تضمر، وافعل بما تعلم، واسقِ الآخرين ماءً عذباً من عسل عقلك، وحاسب نفسك تربح، ولا تغفل عنها فتخسر، وحذّر نفسك بالخوف ممّا تعمل، واعتبر تُبصر، واعلم تفهم بأنّ حالك لاحقاً كما فعلت سابقاً، ولا تصادق الجهل فتتعب، وأفضل الأعمال علمٌ وعملٌ تنتفع بهما وتنفع وطنك، وأفضل العقل معرفة الإنسان لنفسه، والعاقل إذا غضب لم يخرجه غضبه عن قول الحق، وفعل الصدق، وميزان العدل، وإذا رضي لم يدخله رضاه في ظلم، وإذا استطاع وقدر وقوي لم يأخذ أكثر من حقه، يا أخي الإنسان: لا يعجبك سوء عملك فتراه كاملاً تامّاً حسناً، وتحسب أنّك أحسنت صنعاً، وتمّنُ الآخرين به، فاستيقظ من نومك، وليكن العقل مرشدك وبصيرتك وبصرك ونطقك، والعلم رايتك وطريقك، والحلم ظلّك، والصمت عنوان عملك، والخير بذار حكمتك، لأنّ الصمت يُكسب المحبّة، والخير يُغذّي هذه المحبّة، وإن وجدت عاقلاً صادقاً خيّراً فتمسّك به، ولو كان وحيداً، فصفة العاقل أنّه يُحسن معاش غيره في معاشه، ويُصادق جوار النعم بدوام الخير، يا أخي: صل رحمك لأنّ الرّحم هو صفات العقل، وهي غصون شجرة مكارم الأخلاق، ومن ظلم المخلوق سخط عليه العقل، وأظلم جوهره حتّى يبس عقله، أوصيك يا أخي بالصدق؛ لأنّ الصدق هو الصفة الجامعة لأغصان شجرة مكارم الأخلاق، والصدق هو علامة توافق النّية مع الفعل، وصاحبه شريفٌ وخيّرٌ لا شكّ في ذلك، إنّ حاجة أهل الخير إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه؛ لأنّ فاعل الخير مع صاحبه له الفخر والذكر والشرف أكثر ممن يُصنع معه المعروف، الثقة بالعقل ثمنٌ لكلّ غالٍ، وسلّمٌ إلى كلّ عالٍ، العامل بالظلم والمعين عليه والراضي به شركاء، العفاف زينة الفقر، والصبر زينة البلاء، والشكر زينة الغنى، والتواضع زينة الحسب، والفصاحة زينة الكلام، والعمل الصالح زينة العلم النافع، والحفظ زينة الرواية، والدراية زينة الرواية، وخفض الجناح زينة العلم، وحُسن الأدب زينة الورع، وبسط الوجه زينة القناعة، وترك الأخطاء والزّلات أبلغ من إتعاب الجوارح بالأعمال، والتوجّه إلى العقل بالمرايا الصافية أبلغ من إتعاب القلوب بطينة الجهل، كفاك أيّها العاقل أن تكون حارساً وأميناً للجُهّال، كفاك أيّها العادل من زراعة بذارك في أرضٍ متصحّرة لا خير فيها، من انقطع إلى غير العقل تلقّاه الجهل، من سلامة العاقل قلّة حفظه لعيوب غيره، وعنايته بإصلاح عيوب نفسه، من لم يستطع خدمة غيره فليُحسن له النّية وبذلك لم يمنع عنه العطيّة، من أطاع الجهل أعطاه ما أراد ووقع في حباله وعُدِم العقل، من أصغى إلى جاهلٍ فقد قطع العاقل، ومن انفصل عن الخير فقد اتصل بالشر، اصبر على ما تكره فيما لزمك العقل، واصبر عمّا تحب فيما يدعوك إلى الهلاك، كن محبّاً للآخرين فإنّ شعاع المحبّة يُغشي وينير ما لديهم من الظلمة، لا تعاجلوا الأعمال قبل بلوغكم الأهداف، ولا تُضعِفوا قلوبكم بعظائم الأعمال، الحسد يمحي المعقولات ويجلب المقت لصاحبه، والافتخار يصرف الإنسان عن طلب العلم ويدعوه إلى بحر الجهل، الحكمة لا تجتمع في الطباع الفاسدة، خيرٌ من الخير فاعله، وأجمل من الجميل قائله، وأرجح من العلم حامله، وأشرف العلم العمل به، وأجهل من الجهل جالبه، وأهول من الهول راكبه، المرائي صداقته فاسدة، وعقدته محلولة، المصيبة للصابر واحدة، وللجازع اثنتان، أخي الإنسان: أنت نبعٌ من الخير فنقّب عن خيرك، وانطق بجوهرك، واعمل بمحتوى عقلك، وخير قلبك، واصرف سوء ظنّك، وأحسِن نيّتك، واصعد درج المحبّة، وافتق من رتق خيرك محبّةً وصدقاً ووفاءً ومروءةً وكرماً وخيراً يفيض على أبناء جنسك تحيا بسعادة وتمتلك أشرف معاني السعادة في هذا الوجود المعقول والمحسوس... روّض نفسك.

الأكثر قراءة
فيدوهات مختارة