م. غسان كامل ونوس - أديب وكاتب سوري
499
30th of August, 2021
ما من عمل ينجح، ويتطوّر، بلا فكر؛ وتنهض المؤسّسات العامّة والخاصّة، وتوالي إنجازاتها، بفضل أفكار تتطوّر هي الأخرى؛ بناء على هذه العلاقة الجدليّة بين الفكر والواقع. وتتنوّع الأعمال الفرديّة، والجماعيّة، وتفترق المؤسّسات، وتتكامل، حسب مجالات عملها وتخصّصاتها. وتختلف نسبة انشغالاتها بالأفكار وتعاملها معها؛ من كون هذه المؤسّسات فكريّة أو ثقافيّة، تبحث في الأفكار، وتنتجها، وتعمّمها؛ حزبيّة أو نقابيّة أو اجتماعيّة، مهتمّة بالتثقيف والتوعية وتنمية الأفكار وتجسيدها وبلورتها؛ إلى كونها تربويّة تعليميّة، تزيد من المعارف، وتدرّب على تلقّيها وتمثّلها وتطبيقها؛ وإلى اقتصاديّة إنتاجيّة، تستثمر الأفكار، وتؤمّن اختبارها، وتموّله...
ولمّا كان هذا التصنيف المقارب، يفرض تعاملاً مختلفاً مع هذه المؤسّسات، فإنّ الحيّز المتاح هنا، لا يسمح بالتفصيل المتخصّص؛ ما يجعلنا نجمل اقتراحاتنا؛ على أن يأخذ كلّ تصنيف منها، ما يتوافق معه؛ مع التأكيد أنّ نسبة مهمّة من الاقتراحات، تصحّ في عدد أكبر من المؤسّسات، ومجالات العمل، والنشاطات المتنوّعة الأخرى.
المقترحات
* إيلاء الجانب الفكريّ أهمّيّة كبرى في مختلف المؤسّسات؛ من خلال عرض الأفكار، وإعلانها، والحديث فيها، والحوار حولها.
* تحديد النظريّات والمقولات والأهداف الفكريّة والأولويّات والبرامج الزمنيّة.
* من الضروريّ الإجابة على الأسئلة: ماذا نريد؟! وكيف؟! ومتى؟!
* من الضروريّ البناء على الموجود الصالح، واستكمال البنيان، وعدم هدم كلّ شيء، وفي كلّ مكان؛ لإعادة بنائه.
* لا بدّ من آليّات تفكير مختلفة، وآليّات عمل منسجمة ومتكاملة معها.
* إطلاق حملات توعية عامّة في الإعلام العام، والإعلام المحلّي الخاصّ في كلّ مؤسّسة أو منظّمة، وتشجيع التعلّم الذاتي، ودعوات إعلانيّة بهذا الشأن.
* تشكيل مجموعات عمل مؤقّتة ودائمة لـ:
- مراجعة الأفكار المعتمَدة، وبيان مدى ملاءمتها للظروف المتجدّدة.
- رصد الأفكار والمقولات السائدة، وفرز الجيّد منها لتعزيزه، والسلبيّ لمواجهته.
- مراجعة الآليّات المتّبعة في العرض والتطبيق.
- البحث في العناصر البشريّة المنفِّذة، ومدى قناعتها، وحماستها، وتأهيلها وجدواها.
- استخلاص النتائج من الأفكار المطبّقة، وما طرأ عليها من تغيّر، وما لم ينفّذ بشكل صحيح، والبحث في الأسباب، وتحديد ما تبيّن عدم ملاءمتها لواقعنا.
- إجراء حوارات جادّة حول النتائج، والوصول بشأنها إلى تقرير ما الذي يمكن إعادة عرضه بأسلوب مختلف، وما الذي ينبغي التخلّص منه.
- إتاحة الفرصة لتوالد أفكار، واقتراح أساليب تنفيذ منسجمة معها.
- مراقبة السلوك العام؛ لأن له تأثيراً في نجاح تطبيق الأفكار، أو إبطاله.
* إجراء مسح عام للإمكانيّات الفكريّة لدى العاملين في المؤسّسة أو المنظّمة...
* متابعة الفروقات في الميول والرغبات والمواهب، والمساعدة في أن تأخذ مساراتها الصحيحة.
* التعرّف إلى أصحاب المواهب في المؤسّسة؛ لرعايتها، وتأمين تقدّمها وتميّزها.
* إقامة المسابقات الفكريّة والسلوكيّة، وتقديم المكافآت المناسبة.
* احترام المفكّرين، ومتابعة نشاطهم وجديدهم، واعتماد القدوة المميزة من بينهم.
* التمييز بين المفكّر القادر على التدريب ونقل الأفكار إلى حيّز التطبيق، والمنظّر والأكاديميّ، المفتقد لهذه القدرة، والاستفادة من إمكانيّاته النظريّة، وفرز مدرّبين مهنيّين للقيام بذلك.
* التدريب على تمثّل الأفكار في السلوك، والتشجيع على ذلك؛ ابتداء من البيت، فالمدرسة، فالمؤسّسة، ومكان العمل، والشارع، والأماكن العامّة والخاصّة.
* تشجيع افتتاح مراكز لتعلّم المهارات، واكتشاف المواهب؛ بدلاً من تسهيل افتتاح مراكز للتعليم الخاصّ؛ في ظلّ وجود تعليم عام واسع ومدعوم من الدولة.
* التركيز على السلوك المعتمِد على أفكار ومبادئ، من قبل المسؤولين في المؤسّسة، حتّى يصبح عادة لدى الجميع؛ (الالتزام بالقوانين، والدوام، وعدم التأخّر، والتعامل بأخلاق مع المرؤوسين بلا تمييز مصلحيّ...).
* ممارسة العدل في التعامل مع العاملين، وتطبيق الثواب والمحاسبة بوعي وموضوعيّة وحكمة.
* التركيز على عدم التناقض بين الأفكار المطروحة وممارستها في الواقع (مكافحة الفساد والاحتفاء بالفاسدين!).
* رصد الأفكار أو المقولات وفرز الإيجابيّ منها، وتعزيزه، وتعرية السلبيّ منها، ومواجهته.
* الوصول إلى مختلف الشرائح، ومخاطبة كلّ منها في موقعه وبلغته (لقاءات مع أبناء الشوارع، والمساجين والمفرج عنهم، وأصحاب المهن الحرّة...).
* الاعتماد على الإعلام المثقّف الواعي، لا الإعلام الوظيفيّ الآليّ..
* تعويد الناس على الحوار، والقراءة المبدعة، والتفكير الناقد، والتفكير العلميّ، والتحليل والاستنتاج.
* الترخيص لأكشاك كتب في الأماكن العامّة: الحدائق، الكاراجات، الشاطئ...
* تعويد الناس على إبداء الرأي بما يقومون به، وبما هو مطروح، وإتاحة الفرصة للدفاع عن مواقفهم.
* تدريب الناس على التعبير عن مكنوناتهم ومعاناتهم ورغباتهم ومواهبهم.
* ربط البيوت والمراكز التعليميّة والتأهيليّة ومواقع العمل بشبكات تواصل حقيقيّة؛ لتتكامل عمليّة البناء المعرفيّ والتكوين السلوكيّ.
* إجراء تقويمات سلوك دوريّة، وإعلان النتائج بشكل واضح.
* الشفافيّة لدى أصحاب القرار، والإعلان عن المعايير التي تخصّ موقعاً ما، ويتمّ بناء عليها ترشيح من تنطبق عليهم هذه المعايير، ونشر أسماء المرشّحين، ومسوّغات ترشيحهم.
* تعويد الناس على المشاركة في القرار، وتحمّل المسؤوليّة تجاه ذلك: (إجراء استبيانات شفويّة موثّقة، ومكتوبة، وإعطاء نتائج الاستبيان نسبة حين اتّخاذ القرار.
* استثمار إمكانيّة التواصل المتطوّرة، ومواقع التواصل الاجتماعي، والاستفادة منها بشكل مباشر أو غير مباشر.
* التشجيع على التثقّف الذاتي، ودعم النشاطات والمبادرات في سبيل ذلك.
* التخلّص من التلقين والتسليم والطاعة، والانتقال إلى التفكير والاستكشاف والاقتناع.
* تأمين الوصول إلى مصادر المعرفة، وإمكانيّة تلقّيها، والاستفادة منها، والانفتاح على مختلف الثقافات والأفكار والنظريّات، والبحث في سيرورة ممارستها، ونتائجها.
* اعتماد مناهج تحثّ على التفكير والمبادرات، واكتساب المهارات في كلّ المراكز التعليميّة والتأهيليّة.
* طباعة منشورات توعية وتثقيف، ودعوات للحثّ على التفكير والمبادرة والسلوك الحسن.
* استبعاد الخطاب الدينيّ وآليّات تلقّيه المنغلقة، مع البحث في إمكانيّة استثمار الطاقة الإيمانيّة والطمأنينة الروحيّة، في بذل الجهد والإنتاج.
* الاعتماد على القوانين والأخلاق في التعامل وفضّ الخلافات.
* الوصول إلى أن يثق الشخص بنفسه وبأهمّيته، وبدوره في البناء المجتمعيّ الوطنيّ، مهما كانت شهادته، ومهما كانت خبراته، مع الحثّ على زيادتها وتحصينها. (غبطت إحدى المؤسّسات على الآذن المبتسم المتفاني في مساعدة الجميع برضا وبلا ثمن.).
* استثمار رصيد التضحية والاستشهاد والوعي الذي يمثّله، وينبثق منه، في اتّباع السلوك الحسن، حتّى لو كان في ممارسة ذلك تضحية، ومخالفة لِما اعتاد عليه الناس، أو يدعو إليه السلبيّون والمفسدون...